خبراء يتوقعون : توقعات بتصالح مؤقت ومحتمل لأركان النظام في إيران
كتبت- سالي مشالي - جريدة العرب
بعد تصاعد الإحتجاجات على نتائج الإنتخابات الإيرانية، وإشتباك الشرطة مع المتظاهرين، وتراشق كلاً من التيار الإصلاحي والتيار الاصولي الإتهامات، وإنتقاد الإصلاحيين لمرشد الثورة علي خامنئي ما بدا ضعف لهيبته، ومع إستمرار هذه الإحتجاجات بالرغم من أن غالبية المحللين السياسيين كانوا يتوقعون أن تزول فيما لا يزيد عن يومين، توقع عدد من الخبراء السياسيين والمختصين في الشأن السياسي الإيراني أن يتدارك النظام الإيراني الأزمة وأن يحتوي المعارضين ليمضي أحمدي نجاد في خططه وسياساته.
وأكد الخبراء أن المرحلة القادمة ستنضوي على جانب كبير من المرونة والتغيير من جانب النظام الحاكم وحتى من جانب المرشد العام للثورة الإسلامية علي خامنئي، بسبب التغييرات والتوترات التي شهدتها إيران في الفترة الأخيرة.جاء ذلك في الندوة التي أقامها "مركز الدراسات المستقبلية والإستراتيجية" بالقاهرة اليوم الأربعاء 24/6/2009 تحت عنوان :" نتائج إنتخابات الرئاسة الإيرانية وتأثيرها على التوجهات الإيرانية في المنطقة".
وأكد الخبراء والمحللون أن ما يحدث في إيران شديد الإرتباط بالأوضاع في الشرق الأوسط وبدور القوى العظمى المتواجدة في المنطقة، كما أنه سيؤثر على القضايا الساخنة سواء في الخليج أو العراق أو في ملف الصراع العربي الإسرائيلي.
ونفى د. محمد السعيد إدريس رئيس وحدة دراسات الخليج بمركز الأهرام، صحة ما تروجه وسائل الإعلام الغربية وبعض مؤيديها في الدول العربية حول قرب سقوط النظام الإيراني، موضحاً أن هذه الوسائل تروج لما تريده وما تتمناه لا ما يحدث في الحقيقة، منتقدا في الوقت نفسه وسائل الإعلام الإيرانية لأنها تروج للزيف وتتعامل بمنطق المؤامرة الخارجية وترفض الاعتراف بحقيقة وجود أزمة في الداخل.
ووضع إدريس عدة سيناريوهات لما هو متوقع أن يحدث في إيران الفترة القادمة، فاستبعد احتمال لجوء المرشد العام للثورة الإسلامية علي خامنئي والرئيس أحمدي نجاد إلى استخدام القوة المفرطة لقمع المعارضين، مشيراً إلى أن هذا الاحتمال يحمل في طياته قلاقل وضحايا وهو ما يعني أن على النظام التأني قبل اللجوء إليه، دون تجاهل إمكانية انفجار الأوضاع وانفلات زمام الأمور
.وطرح الدكتور محمد السعيد احتمال ثاني يتعلق بلجوء النظام الحاكم للمساومة السياسية فيتخلى المرشد عن بعض صلاحياته للرئيس، وهو ما يساعد على التهدئة وطرح وجه متوازن ومعتدل للنظام وأكثر مرونة وتكيف مع المطالب الجديدة، لكن إصرار الإصلاحيين في هذه الحالة على مطالبهم سيفشل المساومة ويظهر النظام في صورة ضعيفة لا يقبلها.
وبخصوص التفاعل الخليجي مع الانتخابات الإيرانية، أشار المتحدث إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي جميعها تعاملت بحذر مع الانتخابات الإيرانية وكذلك مع الاحتجاجات التي تلتها، واستثنى السعودية التي كان إعلامها صريحاً في الانحياز ضد النظام القائم في إيران.
وقال محمد السعيد: «رغم أن الموقف السعودي مبني على توقع أن التيار الإصلاحي يقبل التهدئة ويتفاهم في الملفات، فإنني أرى أن المرشح الخاسر حسين موسوي إذا كان نجح في الانتخابات فإنه لم يكن ليعترف بإسرائيل، وكان سيتمسك بالمشروع النووي الإيراني، وسيعمل على بناء قوة اقتصادية وعسكرية جبارة في إيران»، موضحا أن هناك إدراكا خليجيا بأن إيران ستتدارك الأزمة وهم حريصون على ألا يستثيروها فتعود لتنتقم، مشيرا في الوقت نفسه لمؤشر واضح يدلل على صحة ما ذهب إليه بإغلاق ً مملكة البحرين لجريدة « أخبار الخليج » لتناولها ملف الانتخابات الإيرانية بصورة لا تتوافق مع الموقف الرسمي.
وفيما يتعلق بالعراق حذر د. حميد شهاب أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد، من أن تلجأ إيران في حال استمرار الأزمة الداخلية بها إلى خلق عدو خارجي أو خلق حدث سياسي كبير في إحدى دول الجوار، مشيراً إلى أن العراق في هذه الحالة هو الأكثر ترشيحاً، وذلك لصرف انتباه الشارع الإيراني إلى هذا الخطر، في محاولة لربطه بتهديد الأمن القومي الإيراني، وخاصة مع انسحاب القوات الأميركية من المدن العراقية نهاية الشهر الجاري.
وتوقع د. شهاب أن تؤثر نتائج الانتخابات على بعض القوى التي كانت تدعمها إيران مادياً وعسكرياً بقوة في العراق، مشيراً إلى رضا باقي قوى المعارضة عما يحدث في إيران، ومبرراً هذا بأن حساباتهم تفترض أن الانقسامات الداخلية بإيران سوف تضعف إيران وبالتالي سيضعف نفوذها وتدخلها بالشأن العراقي الداخلي.
واعتبر شهاب أن الصراع القائم حالياً في إيران هو صراع النخبة لحفظ مصالحهم من خلال السلطة والنفوذ، واصفاً خروج الشعب في المظاهرات بأنه استثمار لصراع النخبة من أجل إحداث تغيير يصبون إليه وسعي شعبي قوي للانفتاح على الغرب والولايات المتحدة الأميركية.
كما توقع د. شهاب أن تسعى الأحزاب والقوى العراقية إلى الاستعانة بالهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية لضمان نزاهة الانتخابات التشريعية العراقية القادمة (بعد ستة شهور)، خوفاً من حدوث أي تدخلات إيرانية في الانتخابات العراقية بعد اتهام النظام الإيراني بتزوير انتخاباته، لافتا إلى أن هذه الاتهامات تعيد إلى الأذهان الأصوات التي اتهمت إيران بالتدخل عام 2005 في الانتخابات العراقية بالتزوير من خلال نفوذها لصالح قوى قريبة إليها.
على المستوى الدولي، توقع د مدحت حماد أستاذ الدراسات الإيرانية بكلية الآداب جامعة طنطا في مصر، تحول عميق في التوجهات السياسية الدولية لإيران، وهو ما رصده تكثيف الحوار الأميركي الإيراني في الفترة الأخيرة، وهو ما يرى أنه يعني إعادة ترتيب لأولويات العلاقات الدولية الإيرانية من إعطاء أولوية مطلقة لبناء علاقات مع أميركا بشكل جديد، والمحافظة على العلاقات الاستراتيجية القائمة بين إيران وروسيا، والاستثمار الممنهج للعلاقات مع أميركا اللاتينية بهدف دفع أميركا لمزيد من التعاطي الإيجابي تجاه المصالح الحيوية الإيرانية، والإبقاء على العلاقات المستقرة مع دول أوروبا الكبرى خاصة ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، مع استمرار التوتر في العلاقات مع بريطانيا والذي يُعد السمة الرئيسية للعلاقات بين البلدين على مدار العقدين الماضيين.
وقال د. حماد إن الهيكلة الجديدة للعلاقات الخارجية الدولية لإيران سوف تبدأ طريقها للتحقق عقب قيام أحمدي نجاد بتشكيل حكومته الجديدة، وقال: «من المتوقع أن تتمحور هذه الهيكلة حول إيجاد حل حقيقي للأزمة الخاصة بالبرنامج النووي الإيراني في إطار صفقة شاملة ستكون ثنائية في الأغلب الأعم بين إيران والولايات المتحدة».
إرسال تعليق